وحدة فدرالية (ويكيبيديا)
خريطة تبين الفدراليات الرسمية حاليا
الفدرالية شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستورياً بين حكومة مركزية و وحدات حكومية أصغر (الأقاليم، الولايات)، ويكون كلا المستويين المذكورين من الحكومة معتمد أحدهما على الآخر وتتقاسمان السيادة في الدولة. أما ما يخص الأقاليم والولايات فهي تعتبر وحدات دستورية لكل منها نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية ويكون وضع الحكم الذاتي للأقاليم، أو الجهات أو الولايات منصوصا عليه في دستور الدولة بحيث لا يمكن تغييره بقرار أحادي من الحكومة المركزية.
الحكم الفدرالي واسع الانتشار عالميا, وثمانية من بين أكبر دول العالم مساحة تحكم بشكل فدرالي. وأقرب الدول لتطبيق هذا النظام الفدرالي على المستوى العربي هي دولة الإمارات العربية المتحدة أما على المستوى العالمي فهي دولة الولايات المتحدة الأمريكية.
خصائص الفدرالية:
كان لكتابات إثنين من المراقبين السياسيين الإنكليز (ألبرت دايسي وجيمس برايس) تأثير كبير على بدايات نظرية الفدرالية. لقد حدد دايسي شرطين لتشكل الدولة الفدرالية. أولهما هو وجود عدة دول "وثيقة الارتباط ببعضها محلياً وتاريخياً وعرقياً أو ما شابه يجعلها قادرة على أن تحمل- في نظر سكانها- هوية وطنية مشتركة. والشرط الثاني هو "الرغبة الوطنية في الوحدة الوطنية والتصميم على المحافظة على استقلال كل دولة في الإتحاد".
من الملامح الأساسية للفدرالية توزيع السلطات. يطلعنا البروفيسور ك.س. وير في عمل كلاسيكي حول موضوع الحكومة الفدرالية: "هل يجسد نظام الحكم تقسيماً كبيراً في السلطات بين المركز والأقاليم وتنسق كل واحدة من تلك الحكومات في إطار صلاحياتها مع الأخرى وتعتمد عليها؟". النتيجة الرئيسية لتقسيم السلطات تتمثل في عدم قدرة أي من الحكومتين (المركز- الأقاليم) على ممارسة نفس القدر من السلطة التي كانت ستمارسها في ظل دولة موحدة غير فدرالية.
الدستور في النظام الفدرالي هو السلطة العليا التي تستقي منها الدولة سلطاتها. ومن الضروري وجود قضاء مستقل لإبطال أي قانون لا يتماشى مع الدستور. والشرعية هي التي تعيق الفدرالية. إذ ينبغي أن يكون الدستور "صارماً" وغير "فضفاض" (Inexpensive). ويجب أن تكون القوانين الواردة في الدستور المذكور غير قابلة للتغيير إلا من قبل سلطة أعلى أو هيئات تشريعية. وغالباً ما تؤدي صعوبة تغيير الدستور إلى نشوء مشاعر محافظة.
و يمكن النظر إلى الفدرالية باعتباره نقيضا لنظام آخر هو الدولة الأحادية. حكومة ألمانيا بولاياتها الستة عشر مثال للفدرالية، بينما جارتها النمسا وولاياتها كانت دولة أحادية بتقسيمات إدارية تحولت إلى فدرالية في حين كانت فرنسا وظلت دائما دولة أحادية.
نماذج من الدول الفدرالية:
فدرالية | وحدات فدرالية | وحدات فدرالية رئيسية | وحدات فدرالية أصغر | |
أقاليم الأرجنتين | 23 إقليم | 1 منطقة فدرالية | ||
ولايات وأراضي أستراليا | 6 ولايات | | ||
ولايات النمسا | 9 لاندر أوبوندسلاندر | | ||
منطقتان لغويتان | | | ||
| 2 وحدات(واحدة منها فدرالية بنفسها تتكون من 10 كانتونات | 1 منطقة | ||
26 ولاية | 1 منطقة فدرالية و 5,561 بلدية | |||
10 أقاليم | 3 أراض | |||
| 3 جزر | | ||
أقاليم إثيوبيا | 9 أقاليم | 2 مدينتان فدراليتان | ||
ولايات ألمانيا | 16 لاندر أو بوندسلاندر | | ||
ولايات وأراضي الهند | 28 ولاية | 7 مناطق إتحادية بينها منطقة العاصمة | | |
15 محافظة وإقليم فيدرالي | 15 محافظة وإقليم فيدرالي واحد وهو إقليم كردستان | | | |
ولايات ماليزيا | 13 ولاية | 3 أراض فدرالية | | |
ولايات المكسيك | 31 ولاية | 1 منطقة فدرالية | | |
| 4 ولايات | | | |
ولايات نيجيريا | 36 ولاية | 1 منطقة | | |
أقاليم وأراضي باكستان | 4 أقاليم | 4 أراض فدرالية ضمنها منطقة العاصمة | | |
أراضي روسيا الفدرالية | 21 جمهوريات, 46 أوبلاست, 9 كرايس, 1 ذاتية الحكم أوبلاست, 4 بحكم ذاتي أكروغس, 2 مدن على مستوى فدرالي | | | |
جزر ساينت كيتس ونيفيس | 2 جزيرتان/14 باريش | | | |
ولايات السودان | 25 ولاية | | | |
كانتونات سويسرا | 26 كانتون | | | |
إمارات الإمارات العربية المتحدة | 7 إمارات | | | |
ولايات الولايات المتحدة الأميركية: 50 ولاية | 50 ولاية | 1 منطقة فدرالية; 14 أراض فدرالية | | |
ولايات فنزويلا | 23 ولاية | 1 منطقة فدرالية, 1 تبعية فدرالية | |
فدراليات بحكم الواقع:
التمييز بين الدولة الفدرالية والدولة الأحادية ليس بالأمر البسيط. فالدولة الأحادية قد تشبه الفدرالية في البنية الإدارية، ورغم أن الحكومة المركزية قد تملك الحق نظريا في سحب الحكم الذاتي عن إقليم يتمتع به، فإن الأمر قد يكون شديد الصعوبة سياسيا. بل إن بعض الجهات المتمتعة بالحكم الذاتي في دول أحادية كثيرا ما تتوفر على صلاحيات أوسع من ما توفره بعض الفدراليات. ولهذه الأسباب، يجادل البعض بأن بعض الدول الأحادية المعاصرة هي فدراليات بحكم الواقع.
إسبانيا:
تقترح إسبانيا كدولة فدرالية بحكم الواقع رغم أن قوانينها التأسيسية لا تنص على ذلك، باعتبار كونها تمنح أقاليمها ذاتية الحكم الصلاحيات ذاتها التي تتوفر عليها الأجزاء المكونة للفدراليات. واحتمال أن يسحب البرلمان الإسباني الحكم الذاتي عن أقاليم مثل غاليثيا، كاطالونيا أو إقليم الباسك أمر شبه مستحيل سياسيا، مع أنه لا شيء يمنع منه قانونيا. إضافة إلى ذلك فإن جهات مثل نافارا وإقليم الباسك تتمتع بصلاحيات كاملة على الضرائب والإنفاق، وتحول جزءا صغيرا منها إلى الحكومة المركزية مقابل الخدمات العمومية (الجيش، العلاقات الخارجية، والسياسات الماكرو اقتصادية). ويشير فقيه قانوني إلى "الطبيعة الفدرالية للحكومة الإسبانية (كاتجاه لا يمكن لأي كان إنكاره)." وكل إقليم ذاتي الحكم يحكم قانون حكم ذاتي تبعا لدستور إسبانيا لسنة 1978.
جمهورية الصين الشعبية:
تطورت الصين الشعبية كفدرالية بحكم الواقع بدون قانون رسمي ينص على ذلك. وقد حدث ذلك عن طريق منح صلاحيات واسعة للأقاليم بطريقة غير رسمية، للتعامل مع القضايا الاقتصادية ولتطبيق السياسات الوطنية. وهو ما أنتج ما يسميه البعض "فدرالية بحكم الواقع وبخصائص صينية"(في إشارة إلى سياسات دنغ شياو بينغ الشيوعية بخصائص صينية) ودستوريا، تم منح صلاحيات الأقاليم ذات الإدارة الخاصة من جمهورية الصين الشعبية عن طريق قرار من مجلس نواب الشعب.
الفدرالية والديمقراطية:
الفدرالية في النظرية الفدرالية توفر نظاماً دستورياً قوياً تستند عليه التعددية الديمقراطية، وبأنها تقوم بتعزيز الديمقراطية النيابية عبر توفير مواطنة مزدوجة في مجمع جمهوري. وبالإمكان العثور على هذا التصريح الكلاسيكي في الوثيقة الفدرالية (The Federalist Paper) والتي تقول بأن الفدرالية تساهم في تجسيد مبدأ العدالة القضائية وفي الحد من الأعمال التعسفية للدولة. وذلك لأنها، أولا: بإمكانها الحد من قدرة الدولة على انتهاك الحقوق، طالما أنها تضمن بأن البرلمان الراغب في تقييد الحريات فاقد للصلاحيات الدستورية وبأن الحكومة القادرة على ذلك فاقدة للرغبة فيه. وثانياَ: أن العمليات القانونية لصنع القرار في الأنظمة الفدرالية تحد من سرعة الحكومة على التصرف. إن مقولة أن الفدرالية تساعد على تأمين الديمقراطية وحقوق الإنسان قد تأثرت بالنظرية المعاصرة حول الاختيار الشعبي. ففي الوحدات السياسية الأصغر بإمكان الأفراد الاشتراك بشكل مباشر في حكومة عمودية وحدوية. وزيادة على ذلك فإن لدى الأفراد الساخطين من الظروف السائدة في إحدى دول الإتحاد خيار الانتقال إلى دول أخرى- وهذا طبعاً بافتراض أن الدستور يكفل حرية الانتقال بين دول الإتحاد الفدرالي. لا تزال قدرة النظام الفدرالي على حماية الحريات المدنية محل جدل، إذ غالباً ما يكون هناك خلط بين حقوق الفرد وحقوق الدولة. ففي أستراليا على سبيل المثال يعد سبب العديد من الخلافات داخل حكومة البلاد خلال العقود الأخيرة مباشرة إلى تدخل سلطات المركز لحماية حقوق الأقليات، وهو ما إستدعى وضع القيود على صلاحيات الحكومات المحلية. ومن الضروري تفادي الخلط بين القيود التي تفرضها المرجعية القضائية – الصلاحية الدستورية الممنوحة للبرلمان لتجاوز البرلمان- وبين الفدرالية نفسها.
إن لدى بعض الولايات الأمريكية تاريخ غير مشرق في مجال حجب الحريات المدنية عن المجموعات العرقية وعن النساء والمجموعات الأخرى من ناحية، ومن ناحية أخرى وفرت القوانين والدساتير في بعض الولايات الأخرى حماية لمثل تلك المجموعات بتشريعات تفوقت على ما ورد في نصوص الدستور الأمريكي أو لائحة الحقوق الأمريكية التابعة له.
الفدرالية والدستور الأمريكي:
تعتبر الفدرالية إحدى الدعامات الثلاث للدستور الأمريكي إلى جانب فصل السلطات – أي التشريعية والتنفيذية والقضائية- والحريات المدنية. واضعوا الوثيقة الفدرالية يشرحون في المقالتين 45 و 46 تصورهم عن نظام القيود والموازنات الذي تعمل بموجبه حكومات الولايات على المستوى الوطني للوصول بمرور الوقت إلى حالة الحكومة محدودة السلطات. الدستور الأمريكي لا يقدم شرحاً أو وصفاً محدداً للفدرالية في أي قسم من أقسامه، بل يتضمن عوضاً عن ذلك إشارات متعددة للحقوق والمسؤوليات المناطة بحكومات الولايات ومسئوليها أمام الحكومة الفدرالية المركزية.
بحوث في الفدرالية:
بعض أفضل البحوث في الفدرالية وضع في أواسط وأواخر القرن العشرين من قبل دانييل.جي. أليعازر وهو من الباحثين ذوي الإنتاج الغزير والذي كان يعمل في جامعتي Temple و Bar Lian. لذا بإمكان المهتمين بالفدرالية الأمريكية والنظم الفدرالية الأخرى في العالم الإطلاع على بحوثه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق